ببت الزهراء عليها السلام
بيت الزهراء
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الزهراء ويحنو عليها حنوا كبيرا ، وما يكاد يطيق فراقها فلما زفت إلى الإمام علي ، وتحولت إلى بيته ، لم تمض سوى أيام معدودة ، حتى ذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الزهراء فقال لها : إني أريد ان أحولك إلي ، فقالت : فكلم حارثة بن النعمان ان يتحول عني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تحول حارثة ابن النعمان عنا حتى استحييت منه ، فبلغ ذلك حارثة ، وجاء النبي فقال : يا رسول الله انه بلغني انك تحول فاطمة إليك ، وهذه منازلي ، وهي اسبق بيوت بني النجار إليك ، وإنما أنا ومالي لله ولرسوله ، والله يا رسول الله ، للمال الذي تأخذ مني أحب إلي من المال الذي تدع ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صدقت ، بارك الله عليك ، فحولها رسول الله إلى بيت حارثه .
وهكذا اتخذ النبي صلى الله وسلم للزهراء والإمام بيتا وسط بيوته وكانا يسكنانه كل أيام علي وفاطمة ، ثم كل أيام الإمام علي في المدينة ، ثم سكنه من بعده أولاده وأحفاده إلى أيام عبد الملك بن مروان ، فاغتاظ من وجوده وأراد هدمه بحجة توسع المسجد ، وكان يسكنه الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب فطلبوا منه ان يخرج فرفض وقال لا اخرج ولا أمكن من هدمه فضرب بالسياط ، واخرج قهرا وهدم الدار وزيد في المسجد هذا ويذهب السمهودي في ( وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى ) إلى ان بيت فاطمة ، رضي الله عنها انما هو في الزور الذي القبر ، بينه وبين بيت النبي صلى الله عليه وسلم خوخة ، وكانت فيه كوة أي بيت عائشة رضي الله عنها فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام اطلع من الكوة إلى فاطمة فعلم خبرهم ، وان فاطمة ، رضي الله عنها ، قالت لعلي يوما ان ابني أمسيا عليلين ، فلو نضرت لنا ادما نستصبح به ، فخرج علي إلى السوق فاشترى لهم ادما ، وجاء به إلى فاطمة فاستصبحت به فأبصرت عائشة
|
المصباح عندهم في جوف الليل وذكر كلاما وقع بينهما ، فلما أصبحوا سألت فاطمة النبي صلى الله عليه وسلم ان يسد الكوة ، فسدها ) .
هنا وقد روى السمهودي ان بيت فاطمة على زمانه ( 844 - 911 ه ) كان حوله مقصورة ، وفيه محراب خلف حجرة النبي صلى الله عليه وسلم . وعلى أية حال فالثابت المؤكد ان بيت الزهراء والإمام علي انما كان أوسط بيوت النبي صلى الله عليه وسلم .
روى البخاري في صحيحه عن سعد بن عبيدة قال : جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن عثمان فذكر عن محاسن عمله ، قال : لعل ذاك يسوءك قال : نعم ، قال فأرغم الله بأنفك ، ثم ساله عن علي فذكر محاسن عمله قال : هو ذاك بيته أوسط بيوت النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : لعل ذاك يسوءك ، قال اجل ، قال : فأرغم الله بأنفك ، انطلق فأجهد على جهدك ) .
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى ان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بسد الأبواب الشارعة في المسجد ، إلا باب علي وفاطمة .
روى النسائي عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بأبواب المسجد فسدت إلا باب علي ، رضي الله عنه )
وفي رواية ( وسد أبواب المسجد غير باب علي ، رضي الله عنه ، فكان يدخل المسجد وهو جنب ، وهو طريقه ليس له طريق غيره ) .
وروى ابن عساكر عن أم سلمة قالت : خرج النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه حتى انتهى إلى صرحة المسجد فنادى بأعلى صوته : انه لا يحل المسجد الجنب ولا لحائض ، إلا لمحمد وأزواجه ، وعلي وفاطمة بنت محمد ، إلا هل بينت لكم الأسماء ان تضلوا ) .
واخرج الترمذي والبيهقي والبزار عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : لا يحل لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك )
وروي الطبراني في الكبير عن أم سلمة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الا ان هذا المسجد لا يحل لجنب ولا لحائض ، الا للنبي وأزواجه ، وفاطمة بنت محمد وعلي الا بينت لكم ان تضلوا ) .
واخرج أبو يعلى عن عمر بن الخطاب قال لقد أعطى علي ثلاث خصال ، لان تكون لي خصلة منها أحب إلي من ان أعطي حمر النعم ، تزويجه فاطمة ، وسكناه المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يحل لي فيه ما يحل له ، والراية يوم خيبر .
واخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن أبي حازم
|
الاشجعي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله أمر موسى ان يبني مسجدا طاهرا لا يسكنه الا هو وهارون ، وان الله أمرني ان ابني مسجدا طاهرا لا يسكنه إلا أنا وعلي ، وابنا علي ) .
وروى النسائي عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده قوم جلوس ، فدخل علي كرم الله وجهه ، فلما دخل خرجوا ، فلما خرجوا تلاوموا فقالوا : والله ما أخرجنا إذ ادخله ، فرجعوا فدخلوا فقال : والله ما انا أدخلته وأخرجتكم ، بل الله ادخله وأخرجكم ) ( وذكره الهيثمي في مجمعه وقال : رواه البزار ورجاله ثقات ) .
هذا وروى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ) فقام إليه رجل وقال : أي بيوت هذه يا رسول الله ، فقال : بيوت الأنبياء ، فقام إليه أبو بكر وقال : يا رسول الله هذا البيت منها وأشار إلى بيت علي وفاطمة ، فقال الرسول : نعم من أفضلها ) .